الليرة السورية بين التعافي والاستقرار: تحسن قياسي واستراتيجية البنك المركزي لضبط السوق

شهدت الليرة السورية تحولات ملحوظة في قيمتها منذ سقوط النظام السابق، حيث تأرجحت بين تحسن ملحوظ واستقرار نسبي. فقد ارتفعت قيمتها في السوق الموازية لتصل إلى 7800 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، قبل أن تستقر عند السعر الرسمي الذي حدده مصرف سوريا المركزي بـ13200 ليرة للدولار الواحد.

التحسن الملحوظ في قيمة الليرة السورية

بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر 2023، بدأت الليرة السورية مسارًا تصاعديًا في قيمتها. ففي فبراير 2025، سجلت الليرة تحسنًا ملحوظًا أمام الدولار الأمريكي، حيث بلغ سعر صرفها في السوق الموازية 7600 ليرة لكل دولار، وهو أفضل مستوى تصل إليه منذ عام 2023.

العوامل المؤثرة في التحسن

يرجع الخبراء هذا التحسن إلى عدة عوامل، أبرزها:

• التطورات السياسية الإيجابية: زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا ولقاءاته مع قادة السعودية وقطر عززت الثقة في استقرار الإدارة الجديدة، مما انعكس إيجابًا على قيمة العملة المحلية.
• التوقعات بتدفقات مالية واستثمارات عربية: التفاؤل بقدوم استثمارات ودعم مالي من الدول العربية أدى إلى زيادة المعروض من الدولار، مما ساهم في تعزيز قيمة الليرة.
• السياسات الاقتصادية الجديدة: السماح بتداول العملات الأجنبية وإلغاء القوانين التي كانت تجرّم ذلك، بالإضافة إلى سياسات تجفيف السيولة، ساهمت في دعم قيمة الليرة.

استقرار الليرة عند السعر الرسمي

على الرغم من التحسن الملحوظ في السوق الموازية، أبقى مصرف سوريا المركزي على سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في البنوك عند 13200 ليرة للشراء و13332 ليرة للبيع، مع تحديد السعر الوسطي عند 13266 ليرة للدولار الواحد.

أسباب الاستقرار

يهدف المصرف المركزي من خلال هذا التثبيت إلى تضييق الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية، وتعزيز الثقة في العملة المحلية. كما أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد السوري واستقرار الليرة.

التحديات والتحذيرات

على الرغم من هذه التطورات الإيجابية، يحذر بعض الخبراء من أن التحسن الحالي قد يكون مؤقتًا أو "وهميًا"، ناتجًا عن سياسات مرحلية مثل حجز السيولة وتقييدها. ويؤكدون على ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي واستعادة الثقة بالقطاع المالي لضمان استقرار حقيقي ومستدام لليرة السورية.

الخلاصة

تُظهر الليرة السورية تحسنًا ملحوظًا في قيمتها منذ سقوط النظام السابق، مدعومة بعوامل سياسية واقتصادية متعددة. ومع ذلك، فإن استدامة هذا التحسن تتطلب جهودًا مستمرة لتعزيز الاقتصاد المحلي، وزيادة الإنتاج، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى تبني سياسات مالية ونقدية تدعم استقرار العملة على المدى الطويل.