فشل انقلاب الساحل

في الأيام القليلة الماضية، شهد الساحل السوري أخطر محاولة انقلابية منذ سقوط نظام الأسد، حيث حاولت فلول النظام السابق بقيادة شخصيات عسكرية بارزة زعزعة الأمن والاستقرار في اللاذقية وطرطوس. هذه التحركات، التي بدت مدروسة ومنظمة، كشفت عن نوايا خفية لإعادة النظام القديم، لكنها اصطدمت بجدار صلب من المقاومة الشعبية والتدخل الحاسم من وزارة الدفاع السورية.
تفاصيل المحاولة الانقلابية
تخطيط سري واستعدادات عسكرية
بدأت بوادر التحرك الانقلابي منذ أشهر، عندما بدأت شخصيات من الفرقة الرابعة، وهي من أقوى تشكيلات النظام السابق، بالتواصل مع مجموعات مسلحة في الساحل السوري. تزعم التخطيط غياث دلا، القائد السابق للفرقة، بمساعدة شخصيات أخرى مثل محمد محرز جابر وياسر رمضان الحجل، حيث عمدوا إلى تشكيل وحدات مسلحة من العناصر الموالية للأسد، مدعومة بالسلاح والتمويل من جهات خارجية، بما في ذلك حزب الله والميليشيات العراقية.
كان الهدف الرئيسي هو السيطرة على اللاذقية وطرطوس، وإعلان منطقة حكم ذاتي موالٍ للنظام القديم، ومن ثم التفاوض على شروط سياسية تعيد لهم نفوذهم في الدولة. اختاروا توقيت الانقلاب بعناية، مستغلين تركيز الحكومة الجديدة على استعادة الاستقرار الاقتصادي وإعادة الإعمار.
تحركات على الأرض ومحاولات للسيطرة
مع بزوغ فجر 7 مارس 2025، بدأت التحركات العسكرية على الأرض، حيث تمركزت المجموعات المسلحة في بعض المناطق الجبلية المحيطة باللاذقية، وحاولت الاستيلاء على نقاط عسكرية استراتيجية. رافقت هذه التحركات دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الحكومة الجديدة، في محاولة لاستغلال أي حالة اضطراب شعبي.
بالفعل، شهدت بعض المناطق توترات أمنية، حيث تعرضت مراكز حكومية في اللاذقية لهجمات مسلحة محدودة، كما قطعت بعض الطرق الحيوية في طرطوس. لكن سرعان ما تحول هذا التحرك إلى فوضى شاملة، إذ لم تجد هذه المجموعات أي دعم شعبي، بل على العكس، واجهت غضبًا جماهيريًا واسعًا، حيث خرج المواطنون في مسيرات تدعو إلى التصدي للمحاولة الانقلابية.
رد وزارة الدفاع السورية: حسم سريع وعمليات دقيقة
لم تمضِ سوى ساعات على بدء التحرك الانقلابي حتى أعلنت وزارة الدفاع السورية استنفارًا عسكريًا شاملًا.
- إرسال تعزيزات عسكرية ضخمة إلى اللاذقية وطرطوس.
- نشر وحدات أمنية خاصة في المناطق الحساسة لمنع أي تقدم للميليشيات الانقلابية.
- تنفيذ عمليات استخباراتية لكشف الخلايا النائمة واعتقال الشخصيات الرئيسية المحركة للانقلاب.
تمكنت قوات الأمن من إعادة السيطرة على المناطق التي شهدت اشتباكات خلال 48 ساعة فقط، حيث استسلم العشرات من المقاتلين، بينما تم القضاء على آخرين خلال عمليات نوعية قامت بها القوات الخاصة.
بحلول 9 مارس، أعلنت الحكومة أن الوضع الأمني تحت السيطرة بالكامل، وأن فلول الأسد قد فشلت في محاولتها الأخيرة للعودة إلى المشهد السياسي.
موقف الشعب السوري: لا مكان للعودة إلى الماضي
ما ميز هذه الأحداث هو رد الفعل الشعبي العفوي والقوي، حيث خرج السوريون في مظاهرات حاشدة في مختلف المدن، من دمشق إلى درعا، ومن حلب إلى دير الزور، مؤكدين دعمهم للحكومة ورفضهم التام لأي محاولة لإعادة نظام الأسد إلى الحكم.
في اللاذقية وطرطوس، لعب المدنيون دورًا مهمًا في مساعدة القوات الأمنية، حيث أبلغوا عن تحركات مشبوهة للعناصر المسلحة، وساهموا في تأمين بعض الأحياء السكنية.
تصريحات القيادة السورية: لا تهاون مع أي تهديد للأمن
في أول خطاب له بعد انتهاء العملية، صرّح الرئيس السوري أحمد الشرع قائلاً:
"ما حدث في الساحل السوري يؤكد أن هناك من لا يزال يحلم بإعادة سوريا إلى الوراء، لكننا اليوم أكثر قوة، وأكثر وعيًا، وأكثر قدرة على مواجهة أي تهديد. سوريا واحدة موحدة، ولن يكون هناك مكان للمجرمين في دولتنا الجديدة."
كما أكدت الحكومة أن جميع المشاركين في المحاولة الانقلابية ستتم محاكمتهم علنًا، وأن الإجراءات الأمنية سيتم تعزيزها لمنع أي تحركات مماثلة مستقبلاً.
محاولة فاشلة ورسالة واضحة
أثبتت محاولة الانقلاب الفاشلة أن سوريا دخلت مرحلة جديدة من الاستقرار، حيث لم يعد للمؤامرات العسكرية والسياسية مكان في المستقبل. النظام السابق، الذي حكم سوريا بالحديد والنار لأكثر من 50 عامًا، بات اليوم مجرد فلول مشتتة تحاول يائسة التشبث بالماضي.
فشل انقلاب الساحل ليس مجرد حدث عابر، بل هو رسالة واضحة لكل من يفكر في زعزعة استقرار سوريا الجديدة:
"سوريا اليوم ليست سوريا الأمس.. الشعب قال كلمته، وسوريا لن تعود إلى الوراء!"